~يوميات رمضان~

ليالي الأنس والمناجاة
* روى البخارى عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم قوله : لا تواصوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر ، قالوا : فإنك تواصل يا رسول الله ؟ قال : [ إنى لست كهيئتكم إنى أبيت لى مطعم يطعمنى وساق يسقينى ] ومن أحلى التفاسير فى ذلك أنها إشارة إلى المناجاة مع الحبيب تعالى, وما تفتحه على قلب الصائم فى خلوته وذكره من الأنس والمنح الربانية, التى هى فى الحقيقة غذاء وشراب : أنت ربى إذا ظمئت إلى الماء وقوتى إذا أردت الطعاما * فأُف لمن باع لذة المناجاة بفضل لقمة ، ومن أجل كمال الأنس بالمناجاة لابد من طهارة القلوب بالتوبة والإنابة ، وغسلها من أدناس الذنوب والمعاصى ، حتى تصح المناجاة بين الذى يعلم السر وأخفى : { ولباس التقوى ذلك خير } الأعراف : 26. إذا المرء لم يلبس ثيابًا من التقى تقلب عريانًا وإن كان كاسيًا * رياح الأسحار تحمل أنين المذبين ، وأنفاس المحبين ، وقصص التائبين. أعلمـــــــتم أن النسيـــم إذا ســرى حمل الحديث إلى الحبيب كما جرى المذنبون على موعد مع الأسحار بالانكسار بين يدى مولاهم والاعتذار ، والله يحب العفو فيعفو عنهم وهو العَفُو الكريم ، وكان بعضهم يقول فى مناجاته : ( جرمى عظيم ، وعفوك كبير ، فاجمع بين جرمى وعفوك يا كريم ). يا كبير الذنب : عفو الله من ذنبك أكبر ، أكبر الأوزار فى جنب عفو الله يصغر ، فليكن غاية الأمل من الله العفو. فهذا شهرك وهذه لياليك ، وهذه لحظات المناجاة ، فاغتنمها فهى فرصتك ، فلا تضيعها فحـياتك الحقيقية أن تعـيش بقلبك مع الله ، { أو كان ميتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشى به فى الناس, كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها } الأنعام : 122. * تذكر : 1ـ حاجتك إلى مناجاة الحبيب أعظم من حاجتك إلى الطعام والشراب. 2ـ بالمناجاة يتدرب الصائم على التوبة والطهارة والتقوى طالبًا العفو. * همسة : ليس لك إلا الله، تناجيه فهو مؤنس كل وحيد ، وصاحب كل غريب.
@@@@@@@@@
أيام السعادة
* يقول النبى صلى الله عليه وسلم : [ من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه ] رواه البخارى. وفى حديث أخر صحيح على شرط مسلم يقول النبى صلى الله عليه وسلم : [ ليس الصيام من الطعام والشراب إنما الصيام من اللغو والرفث ]. يقول بعض السلف : ( أهون الصيام ترك الشراب والطعام, فأى سعادة يعيشها الصائم الممتنع عن الطعام والشراب, ويسب هذا ويشتم هذا ، ويعمل الزور, ويمشى بالرفث ، ويتباهى باللغو ). يقول جابر : ( إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ، ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك ). * ولا تكتمل سعادة يوم الصائم إلا إذا حقق هذا المعنى ، فليس التقرب من الله فى ترك المباحات فحسب, بل الأصل فى ذلك ترك المحرمات ، فمثل من ارتكب المحرمات كمن أدى النافلة وترك الفريضة ، ولذلك كان قول النبى صلى الله عليه وسلم عن المرأتين : [ إن هاتين المرأتين صامتا عما أحل الله لهما ، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما ، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم البشر ]. * وليس الأمـر كذلك فى شعـورك بالسعـادة فى أيـام الصـيام فحـسـب ، بل بفوزك بالسعـادة الأبديـة : { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } آل عـمـران : 185. وقـوله تـعالى : { وأما الذين سعـدوا ففى الجـنة } هود : 108. فمن كتبه الله من أهل السعادة ييسره الله لعمل أهل السعادة : { فأمـا من أعـطى واتـقـى ، وصـدق بالحـسـنى ، فسـنـيسره لليسرى } الليل : 5ـ 7. فالمبادرة يا سعداء الشهر ، لاغتنام العمل من أجل سعادة الدارين. * تذكر: 1ـ الصيام الحقيقى ليس فى ترك الطعام والشراب وإنما من اللغو والرفث. 2ـ السعادة اليومية للصائم بتحقيقه لمعنى الصيام الحقيقى. 3ـ الشعور الحقيقى بالسعادة ، فى الفوز بالجنة ، فحقق روح الصيام فى يومك ليكتبك الله من أهل السعادة. * همسة : عش سعيدًا فى عملك فى الشارع فى المجتمع, بتحقيق معنى الصيام فى أيام رمضان.
@@@@@@@@@
ليلة الخطوة
* فى الصحيــحـين عن أبى هـريرة رضى الله عـنه عـن النبى صلى الله عليه وسلم قال : [ من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ]. وفى المسند عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال فى شهر رمضان : [ فيه ليلة خيرُ من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم ]. * وفى ليلة القدر تنتشر الملائكة فى الأرض ، فلا وجود لعمل الشياطين ، كما قال الله تعالى : { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ، سلام هى حتى مطلع الفجر } القدر : 4ـ 5 ، وفي المسند عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ الملائكة تلك الليلة فى الأرض أكثر من عدد الحصى ]. وفى صحيح ابن حبان عن جابر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها ]. * وقال مجاهد فى قوله تعالى : { سلام هى حتى مطلع الفجر } القدر : 5 قال : سلام أن يحــدث فيها داء ، أو يستطـيع الشيطان العمل فيها ، وعنه قال : ليلة سالمة لا يحدث فيها داء ولا يرسل فيها شيطان ، وعنه قال : هى سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا ولايحدث فيها أذى. * ابن آدم : أنت المختار من المخلُوقات ، ولك أعدت الجنة فكيف ترضى بها بديلاً ؟ ، أنت المختار بتلك الليلة فكيف ترضى بغيرها بدلاً ؟ يا من ضاع عمره فى لا شيء ، استدرك ما فاتك فى ليلة الحظوة ، فإنها تحسب بالعمر ، وفيها عفو الله. قالت عائشة رضى الله عنها, للنبى صلى الله عليه وسلم : أرايت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : [ قولى اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنى ] رواه الترمذى. * تذكر : 1ـ إذا أردت أن يغفرالله لك, فعليك بإحياء ليلة القدر لله تعالى. 2ـ إذا أردت أن تسلم من الأذى فقم ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا. 3ـ عليك بالدعاء والمناجاة وطلب الحوائج وردد دعاء عائشة. * همسة : جدد حياتك وجدد عمرك ، بإحياء ليلة خيرها أكثر من خير ثمانين عامًا ، هى ليلة الحظوة.
@@@@@@@@@
ليالي الإجتهاد
* روى مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أنها قالت : [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد فى العشر الأواخر ما لا يجتهد فى غيره ]. وفى الصحيحين عن عائشة قالت : كان رسول الله إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله, وفى المسند قالت أيضًا : كان النبى صلى الله عليه وسلم : [ يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر ـ يعنى الأخير ـ شمر وشد المئزر ]. * وكان النبى صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله فى الليالى العشر دون غيرها من الليالى ، وكان يفعل ذلك فى الليالى الأوتار ، وخاصة ليلة سبع وعشرون والتى ترجى فيها ليلة القدر ، يقول سفيان الثورى : أحب إلىَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد الليل ، ويجتهد فيه ، وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك. وقد صـح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يطـرق فاطـمة وعـليًا لـيلاً فيقول لهما : [ ألا تقومان فتصليان ] وهذه مشاهد من اجتهاد الصحابة الكرام فى هذه الليالى الرمضانية المباركة : ـ عن عبد الرحمن بن هرمز قال : ( كان القراء يقومون بسورة البقرة فى ثمان ركعات ، فإذا قام بها القراء فى اثنتى عشر ركعة رأى الناس أنه قد خفف عنهم ). ـ عن ابن أبى ملكية قال : ( كنت أقوم بالناس فى شهر رمضان فأقرأ فى الركعة : الحمد لله فاطر ونحوها ، وما يبلغنى أن أحدًا يستقل ذلك ). ـ يقول عبد العزيز بن أبى داود : ( أدركتهم يجتهدون فى العمل الصالح ، فإذا فعلوه وقع عليهم الهم : أيقبل منهم أم لا ؟!. ـ كان أبو رجاء يختم بالناس القرآن فى قيام رمضان كل عشرة أيام ، وكان يقرأ أربعين آية فى كل ركعة ، وكان عمره آنذاك ثلاثين ومائة. * تذكر : 1ـ إن لم تعتكف فلا يفوتك الاجتهاد فى أواخر رمضان. 2ـ اجتهد فى إيقاظ أسرتك للاجتهاد فى العشر الأواخر. * همسة : اصطحب أسرتك وأولادك فى هذه الرحلة السنوية فلن تنسوها أبدًا
@@@@@@@@@
أيام وليالي النصر
* ليلة الجمعة سابع عشر من رمضان بات رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يصلى ويبكى ويدعو الله على أعدائه ، ففى المسند عن على بن أبى طالب قال : لقد رأيتنا وما فينا إلا نائم, إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلى ويبكى حتى أصبح. ثم يقول على بن أبى طالب : أصابنا طش ( مطر خفيف ) من مطر يعنى ليلة بدر ، فانطلقنا تحت شجرة ، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويقول : [ إن تهلك هذه الفئة لا تعبد ] ، فلما أن طلع الفجر نادى : الصلاة عباد الله ، فجاء الناس من تحت الشجر فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث على القتال. * وأمد الله تعـالى نبيه بنصر من عنده وبجند من جنده كما قال الله تعالى : { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين ، وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم } الأنفال : 9ـ 10. وفى صحيح البخارى أن جبريل قال للنبى صلى الله عليه وسلم : [ ما تعدون أهـل بدر فيكم ؟ قال من أفضل المسـلمين ، قال : وكذلك من شهد بدرًا من الملائكة ] ، وقال تعـالى : { ولقـد نـصركم الله ببدر وأنتم أذلة } آل عمران : 133 ، وقال تعالى : { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } الأنفال : 17. * وكان عدو الله إبليس جاء للمشركين فى صورة سراقة بن مالك, يده فى يد الحارث بن هشام ، وجعل يشجعهم ويمنيهم ، فلما رأى الملائكة هرب وقد أخبر الله تعالى بقوله : { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم, وقال لا غالب لكم اليوم من الناس, وإنى جار لكم, فلما ترءات الفئتنان نكص على عقبيه, وقال إنى بريء منكم, إنى أرى ما لا ترون, إنى أخاف الله, والله شديد العقاب } الأنفال : 48. * يقول عمر : [ غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوتين فى رمضان : يوم بدر ، ويوم الفتح وأفطرنا فيهما ] ، وهكذا ترفرف أيام النصر على الصائمين فى هذا الشهر المبارك ، وفى عام 1973 وفى العاشر من رمضان, كان الانتصار المجيد على الصلف اليهودى بصيحة : الله أكبر, وبتأييد وعون من الله تعالى. * تذكر : وبهذه الروح كان شهر رمضان نصرًا للأمة الإسلامية على مدار تاريخها : وقعة القادسية فى شهر رمضان سنة 15هجرية ، وقعة الزلاقة فى شهر رمضان سنة 479 هـ ، فى رمضان 583هـ انتصار صلاح الدين فى حطين على الصليبيين ، فى رمضان عام 658هـ انتصار عين جالوت على التتار تحت شعار واإسلاماه ، انتصار محمد الفاتح فى رمضان سنة 879 هـ على بلاد القرم. همسة : رمضان شهر الانتصارات ، فمتى نستعد فيه للنصر
@@@@@@@@@
أيام وليالي الفتح
26 ـ أيام وليالى الفتح * نقضت قريش عهدها مع المسلمين ، وجاء وفد خزاعة يخبر النبى صلى الله عليه وسلم بما فعل بهم بنو بكر وقريش ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : [ والله لأمنعنكم مما أمنع نفسى منه ]. * فأرسلت قريش زعيمها أبا سفيان عساه أن يصلح ما أفسدته من نقضها للعهد ، ولكنه عاد ولم يصنع شيئًا, فاتهموه أنه خانهم واتبع محمدًا. * أما رسول الله صلى الله عليه وسلم تجهز للسفر ، وأمر أصحابه بذلك ، وأخبر الصديق عن الوجهة ، وقال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة, فقدم جمع من قبائل غفير ، وكان من دعائه : اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش, حتى نبغتها فى بلادها. * وفى منتصف رمضان سار الرسول صلى الله عليه وسلم بجيش عدده عشرة ألاف مجاهد ، وأمر النبى صلى الله عليه وسلم الجيش بالفطر وأفطر هو أيضًا ، وقابل النبى عمه العباس مهاجرًا إلى المدينة فأمره بالمكث مع الجيش ، وأسرع أبو سفيان يلتمس الخبر ، فلما رأى عظمة الجيش المسلم أسلم ، حتى جاءت الكتيبة الخضراء وفيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للعباس : لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيمًا ، فصحح له العباس فهمه قائلاً : إنها النبوة. * دخل النبى وهو راكب راحلته منحنٍ متواضعًا لله وشاكرًا له على هذه النعمة ، وكان ذلك صبيحة يوم الجمعة لعشرين خلت من رمضان ، ثم سار وبجواره أبو بكر يحادثه وهو يقرأ سورة الفتح ، فجعل يطوف بالبيت مشيرًا إلى ثلاثمائة وستين صنمًا بعود فى يده ، ويقول : [ قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا] ومكث النبى صلى الله عليه وسلم بعد الفتح ثمانية عشر يومًا بمكة ، وهكذا كان شهر رمضان من العام الثامن الهجرى كله أيام وليالى فتح عظيم على الأمة الإسلامية جمعاء. * تذكر : وهذه هى الفتوحات الإسلامية فى شهر رمضان : 1ـ فتح مكة فى رمضان سنة 8 هجرية. 2ـ فتح البويب أول فتح لبلاد الفرس رمضان سنة 13هجرية. 3ـ فتح النوبة فى رمضان سنة 13 هجرية. 4ـ فتح جزيرة ردوس فى رمضان سنة 52 هجرية. 5ـ فتح الأندلس فى رمضان سنة 93هجرية. 6ـ فتح عمورية فى رمضان سنة 223 هجرية. 7ـ فتح انطاكية فى رمضان سنة 666 هجرية. 8ـ فتح قبرص فى رمضان سنة 829 هجرية. 9ـ فتح مدينة بلغراد فى رمضان سنة 928 هجرية. همسة : أكثر من دعاء : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا ***
@@@@@@@@@
لقاء مع الملائكة
* روى عن الإمـام أحمد عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : [ أعطيت أمتى خمس خصال فى رمضان لم يعطها أمة غيرهم ، ومنها :... وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا ]. * اليوم كله لقاء مع الملائكة لا شأن لها مع الصائم إلا الاستغفار له ، فطوبى لمن صحبته الملائكة وحفظته واستغفرت له ، فهو لقاء من الطهر والنقاء حتى يفطر, فيا من حرمت نفسك من أصفى لقاء ، بادر فالأيام تمر بين أيدينا ، سارع فالأيام أسرع من مرامينا ، عزم الشهر على الرحيل ، ولم يبق منه إلا القليل. أرأيتم كيف أن الملائكة تطلب من الله لكم أيها الصائمون ستر الذنوب ومحوها ؟ أرأيتم كيف أن الملائكة معكم حتى موعد الإفطار تحفظكم وتستركم وتبعد عنكم المساويء ؟ أرأيتم كيف أن الله يقبل دعاء الملائكة لأنهم جديرون بهذا ، فهم خلق أطهار كرام ؟ * واستغفار الملائكة يجتمع فى يوم الصائم مع استغفاره لربه ، ليستكمل الفوز بأعلى المطالب وأكرم الغايات ، يقول الله تعالى فى الحديث القدسى : ( يا عبادى إنكم تخطئون بالليل والنهار, وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفرونى أغفر لكم ). فما أشد حاجتنا إلى هذا اللقاء اليومى العظيم ، فإن اكتملت الألفة كان ذلك إيذانًا بسلام الملائكة علينا فى ليلة القدر ، حيث تنزل إلى الدنيا وتسلم على أهل رمضان : { سلام هى حتى مطلع الفجر } القدر : 5 ، يقول الشعبى : ( تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد ، حتى يطلع الفجر ). وبهذا اللقاء كأنك فى الجنة قبل الجنة ، يقول تعالى : { جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم, والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } الرعد : 23 ، فهو لقاء أسرى فى جنة الدنيا قبل جنة الآخرة ، وتلك من عاجل بشرى الصائمين. * تذكر : 1ـ لقاء الملائكة بالاستغفار لك يوميًا حتى تفطر, يستجلب جذبك لهم بالطاعات واختيارك للزمان الطيب والمكان الكريم. 2ـ ما أحلى أن يلتقى استغفار الملائكة مع استغفارك الدائم لله تعالى. 3ـ تعرف يوميًا على الملائكة, لتضمن لقاءك بهم مع أسرتك فى ليلة القدر ، بالتسليم والأمان. همسة : * وإن كان العمل بالختام ، فاستمتعوا فيما بقى من أيام ، تستغفر لكم الملائكة فيها حتى تفطروا.
@@@@@@@@@
ليلة المغفرة
* وقبل وداع رمضان.. تأتى ليلة المغفرة ، يغفر الله فيها لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر !! هذه الليلة هى ثمرة كل من الصيام والقيام وليلة القدر ، فى الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه قول النبى صلى الله عليه وسلم : [ من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ] ، وفيها أيضًا من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قول النبى صلى الله عليه وسلم : [ من قام رمضان إيمانًا وإحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ]. * هذه ليلة المغفرة وهى آخر ليلة فى رمضان, ولكنها ليلة أجر الصائمين الذين اجتهدوا وحققوا ما أراد الله ، روى الإمام أحمد فى مسنده عن أبى هريرة رضى الله عـنه قـول النبى صلى الله عليه وسلم : [ يغفر لهم فى آخر ليلة فيه ، فقيل : أهى ليلة القدر ؟ قال : لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله ]. * روى عن على بن أبى طالب أنه كان ينادى فى آخـر ليلة من شهر رمـضان : يا ليت شعرى من هذا المقبول فنهنيه ؟ ومن هذا المحروم فنعزيه ؟ ، ماذا فات من فاته الخير فى رمضان ؟ وأى شيء أدرك من أدركه فيه الحرمان ؟ فى صحيح ابن حبان عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال : آمين آمين آمين ، فلما سئل عن ذلك قال : إن جبريل أتانى فقال : من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله ، قل آمين ، فقلت : آمين. من فاته الزرع فى وقت البذار فما تراه يحصد إلا الهم والندم * كتب عمر بن عبد العزيز إلى البلاد يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة ، صدقة الفطر فإنها طهرة للصائم من اللغو والرفث, والاستغفار يرفع ما تخـرق من الصيام باللغـو والرفـث ، يقول بعض العلماء : إن زكاة الفطر للصائم كسجدتى السهو للصلاة. * تذكر : 1ـ لا ينتبه بعض الناس إلى آخر ليالى رمضان ظانين انقضاء الشهر. 2ـ عليك بالاستغفار فى هذه الليلة لعله يجبر ما نقص من طاعة. 3ـ عليك بإخراج زكاة الفطر قبل انقضاء آخر ليلة, وإلا كانت صدقة بعد صلاة العيد. * همسة : ليلة المغفرة هى ليلة تهنئـة القبول والأجر, لمن صام وقام, وأنت منهم بإذن الله. ***
@@@@@@@@@
يوم الجوائز
* جوائز لا تشبه جوائز الدنيا ، لكل مَنْ وفى العمل ، فالصيام مكيال ، فمن وفى وُفى له ، ومن تهاون فلا يلم إلا نفسه : غدًا توفى النفوس ما كسبت ويحصد الزارعون ما زرعوا إن أحسنوا أحسنـوا لأنفسهم وإن أساءوا فبئس ما صنعــــوا * كان أوائلنا يجتهدون فى إتمام العمل وإكماله وإتقانه ، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده : { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة } المؤمنون : 60 ، وكان فضالة يقول : لأن أكون أعلم أن الله قد تقبل منى مثقال حبة من خردل, أحب إلىَّ من الدنيا وما فيها ، لأن الله يقول : { إنما يتقبل من المتقين } المائدة : 27. * هذا يوم الجوائز ، يوم عيد الفطر ، خرج عمر بن عبد العزيز فيه, فقال فى خطبته : ( أيها الناس ، إنكم صمتم لله ثلاثين يومًا وقمتم ثلاثين ليلة ، وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم ) ، فما أحلى تهنئة رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ تقبل الله منا ومنكم ]. * لقد قسم بعضهم العام بين رمضان ويوم العيد, فكانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان ، ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم ، وكان آخرون يجعلون عمرهم كله بين رمضان ويوم العيد ، يقول بعض السلف : صم الدنيا واجعل فطرك الموت ، الدنيا كلها شهر صيام المتقين ، يصومون فيه عن الشهـوات المحرمات ، فإذا جاءهـم الموت فقد انقضى شهر صيامهم ، واستهلوا عيد فطرهم. وقد صمت عن لذات دهرى كلها ويوم لقاكم ذاك فطر صيامى تذكر : 1ـ الوفاء بالصيام ، وعدم التهاون ، يجعلك تحصد الجائزة وتجنى الثمار. 2ـ الإتقان فى كل أيام وليالى رمضان ، يؤهلك لئن يتقبل الله منك الشهر. 3ـ يوم الفطر ، يوم الفرحة والتهنئة ، واستعدادك لبلوغ رمضان القادم بإذن الله. * همسة : ما أجمل هذه التهنئة النبوية فى يوم الجوائز : تقبل الله منا ومنكم. ***
@@@@@@@@@
همسة الوداع
* كتب عمر بن عبد العزيز يقول فى كتابه : ـ قولوا كما قال أبوكم آدم : {... ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } الأعراف : 23. ـ وقولوا كما قال نوح عليه السلام : {... وإلا تغفر لى وترحمنى أكن من الخاسرين } هود : 47. ـ وقولوا كما قال إبراهيم عليه السلام : { والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين } الشعراء : 82. ـ وقولوا كما قال موسى عليه السلام : { رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى } القصص : 16. ـ وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام : { لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين } الأنبياء : 87. * أنفع الاستغفار ما قارنته التوبة يقول كعب : من صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا أفطر بعد رمضان أن لا يعصى الله, دخل الجنة بغير مسألة ولا حساب ، ومن صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا أفطر بعد رمضان عصى ربه, فصيامه عليه مردود. * يا قلوب المتقين : يا مَنْ يحن إلى الشهر إذا انقضى ، يا مجتهدون فى نهاره ، يا مجتهدون فى أسحاره ، هذه يوميات رمضان بين أيديكم ، سار السائرون وخسر القاعدون ، واشوقاه يا رمضان ترفق بنا... * وهذه رسالة تركها لنا رمضان قبل أن يودعنا : ( يا محـبون أنا معكم باجتهادكم فلا ألم للفراق يا مشتاقون أنا معكم فـلا بـكاء للرحـيل يا تـائـبون أنا معكم بسعيكم فلا يـأس للوداع انتـظـرونى بعـد عـام انتـظرونى أيـام ولـيـالـى حـبـيـبكـم رمـضـان بشرط أن تكون كل الأيام والليالى القادمة هى رمضان والـسـلام عـليـكم ورحـمـة الله وبـركـاتـه ).

» يوميات رمضان
» يوميات كمساري
» ثم ماذا بعد رمضان ...؟؟؟
» اخر جمعة قبل رمضان
» الحكمه من صوم رمضان