بعد الثقافة عن الشأن العام(2)

كنت تحدثت في الحلقة السابقة عن ضعف ادراك الرئيس المصري حسني مبارك لمعاني حركة الجماهير وكذلك معنى حركة التاريخ،ورد ذلك الكاتب محمد حسنين هيكل لضعف ثقافة هذا الرئيس وقال ان الثقافة هي التي تمنح الاشياء المجردة المعاني وكذلك الفعل السياسي الاطار المنطقي.
بعد الثقافة عن الشأن العام في القرية:-
كانت الامور العامة في القرية تناقش في اجتماعات عامة يدعي لها كل اهل القرية،واذا حزم الناس امر ينادي منادي القرية "الاجتماع بدأ رجال ونساء في المدرسة" ويتضمن الاجتماع برنامج ثقافي هو عبارة عن وصلات غنائية بالعود وكذلك بعض القفشات واسكتشات بسيطة ثم يفتح باب النقاش في الموضوع الذي دعي الاجتماع من اجله،ويتطارح الناس الرأي دون اي استثناء لاحد،ويتم ذلك في جو ودي واخوي،وتضفي الاقتراحات جوا من المرح،وصولا لاتخاذ قرار في موضوع الاجتماع.
اما الان فتجتمع قلة من ابناء القرية للتقرير في كافة شوؤن القرية وتتم الاجتماعات غالبا في الاعياد،واحيانا عبر الهاتف بين هذه المجموعة،وتتخذ هذه المجموعة قرارات تهم كل اهل القرية لكن دون الرجوع اليهم،ويعلل اعضاء هذه المجموعة ان في الرجوع للجميع مضيعة للوقت وتاخير للجهود خصوصا وانه دائما توجد مجموعة بيدها الحل والعقد.
بعد الثقافة عن الشأن العام في السودان:-
والسودان صورة مكبرة لمايحدث في القرية حيث تجتمع مجموعات السوبر هذه لتقرر في كل القضايا في السودان،حيث اصبحت مشاريع النتمية تواجهه بمعارضة شديدة من قبل المجموعات المحلية،وتلجا الدولة احيانا الى البعض ليوفروا غطاء سياسي وسند شعبي لماتقوم به،حيث ان الثقافة تمثل في احد جوانبها االمشاركة الوجدانية للجميع في الاهتمامات والقضايا،وغيابها يؤدي الى كوارث واهدار للمال العام،وعنف شديد تستخدمه الدولة ضد مواطنيها.