البوردين.. قصة (150) عاماً

أخيراً وصلت الباخرة البوردين إلى موقعها السياحي بالقرب من الطوابي لتصبح المنطقة ذات روح تاريخية حقيقية، والبوردين هي الباخرة التاريخية التي يبلغ عمرها حوالي (150) عاماً، حيث يرجع تاريخها إلى العام 1846م عندما أمر ببنائها خديوي مصر ضمن أربع بواخر للعمل في السودان بغرض استكشاف منابع النيل، وتمت صناعتها في بريطانيا من الحديد وجمعت في ميناء بولاق النهري بمصر، ثم أبحرت إلى السودان لتستخدم في العهد التركي في عدة أغراض على النيل واستخدمها الرحالة الانجليزي صموئيل بيكر واستمر استخدامها حتى العام 1885م حيث أسرت عقب فتح الخرطوم من جيوش المهدية وأصبحت من ضمن الغنائم، وتم استخدامها من قبل الدولة المهدية حتى العام 1898م وهو تاريخ استعمار السودان من الحكم الثنائي.
وتقول اجلال عثمان المك أمينة قسم الترميم التابع للهيئة العامة للآثار والمتاحف انه في اوائل القرن العشرين استخدمها الانجليز كسجن لثوار 1924، وهذه الباخرة قيمتها التاريخية كبيرة وهي من أوائل البواخر الفريدة من نوعها عالمياً حيث كانت تدار بالبخار، وهي الوحيدة التي بقيت محتفظة بشكلها وأصالتها من ضمن مثيلاتها، علماً بأن الامريكان كانوا يمتلكون شبيهات لها ولكن تم تدميرها أثناء الحرب الأهلية الأمريكية.
وقد ظلت هذه الباخرة قابعة بموقع النقل النهري حتى تم انتشالها عبر وزارة الثقافة والاعلام بولاية الخرطوم في أكتوبر من العام الماضي، لتجرى لها عمليات ترميم واسعة شارك فيها بعض الفنيين من النقل النهري، واكتمل الترميم وتم نقلها يوم الاثنين الماضي إلى الموقع السياحي عند الطابية الجنوبية بامدرمان لتصبح ضمن منظومة مشروع ثقافي سياحي متكامل في ذلك الموقع، الذي سيفتتح في السادس والعشرين من هذا الشهر.