ضــوء فـي نهـايــة النفــق!!التفاصيل
نشر بتاريخ الخميس, 05 تموز/يوليو 2012 13:00
سعدتُ كثيراً بتوقيع اتفاقيات مع تسع شركات لاستكشاف النفط تغطي ربع مساحة السودان ولمن لا يعلمون فإن مجرد التوقيع يدرُّ على الخزانة العامة مئات الملايين من الدولارات (أظنها أربعمائة مليون دولار).
سعدتُ كذلك أن مصنع سكر النيل الأبيض سيُفتتح يوم الأربعاء القادم وهو كما يعلم الجميع المصنع الأكبر في السودان من حيث إنتاج السكر.
من جانب آخر فإن الوزير الهمام كمال عبد اللطيف ينشط في مجال التعدين عن الذهب وسنسعد خلال فترة لن تطول بتوقيع اتفاقيات مماثلة في مجال المعادن خاصة الذهب الذي أحدث تحولاً كبيراً لدى كثير من الأسر التي اتّخذ أربابُها من التنقيب والبحث عنه مهنة تفرّغوا لها تماماً ويكفي للتدليل على ذلك أن وزير الزراعة د. المتعافي شكا من ندرة العمالة الزراعية بسبب الذهب الأمر الذي جعلني أطالب بالاستعانة بعمالة من مصر هي بالقطع أقرب إلينا ذمَّة ورحماً علاوة على الخبرة وقِيم العمل التي اشتُهر بها الإخوة المصريون.
وزير الإرشاد والأوقاف خليل عبد الله كشف جانباً مما أحدثه الذهب من تغيير وتأثير اجتماعي في حياة أعداد هائلة من أبناء السودان بقوله إن المتقدمين للحج هذا العام زادوا من اليوم الأول بنسبة 03% هذا العام عن العام الماضي عازياً ذلك إلى ازدياد هامش الاستطاعة عند المواطنين بسبب التنقيب عن الذهب!!
إذن فإن هناك بشريات خاصة في مجال النفط والذهب وأنا أعلم تماماً أن الذهب الذي خرج إلى سطح الأرض وفي شتى أنحاء السودان شمالاً وجنوباً (طبعاً حتى كوستي وليس جنوب الدماء والدموع القديم) وشرقاً وغرباً ووسطاً ليس أمراً عادياً ويحتاج إلى تفسير مادي من أهل الجيولوجيا أما التفسير الروحي فإننا لا نحتاج إلى بيان فقد أراد الله ذلك لحكمة يعلمها هو سبحانه وتعالى.
بالنسبة للبترول فإننا كنا نقرأ من قديم أخباراً تتسرب من بعض الخبراء الدوليين أن السودان يعوم في بحيرة من النفط ولا أشك لحظة أن أمريكا لم تستهدف السودان وتكيد له وتفتعل له الأزمات في دارفور وغيرها بما في ذلك انحيازها المستميت للجنوب ودولته الجديدة إلا لذات الأسباب التي ساقتها إلى العراق فقد اضطرت أمريكا في نهاية الأمر إلى الاعتراف بأنها كذبت حين افتعلت فرية أسلحة الدمار الشامل ولعلَّ السبب هو الطمع في ثروات البلدين اللذين تعلم عنهما الكثير من خلال أقمارها الصناعية وغيرها من الوسائل التي استثمرت فيها كثيراً وأنفقت ترليونات الدولارات في سبيل تمكينها من المعلومات ومن ثم التخطيط والعمل على احتلال مصادر الثروة في العالم قبل أن تنافسها فيها قوى دولية أخرى ناهضة كالصين مثلاً.
أقول هذا لكي أرفع معنويات أهلي من أبناء الشعب السوداني الصابر من خلال ما أقتنعتُ به واستبشرتُ وأنا أرقب ضوءاً ساطعاً في نهاية النفق الحالي.
على أن هذا لا يعني أن تتوقف وتيرة الإصلاح الاقتصادي التي بدأت أو السياسي الذي نظن أنه يحتاج إلى إرادة قوية فقد تمخَّض جبل خفض الحكومة فولد فأراً صغيراً!!
إنني إذ أخاطب الرئيس البشير لأرجو أن أؤكد أنه يُمسك بكل مفاتيح الإصلاح وليس صعباً أن يستشفّ ما يتطلَّبه الإصلاح من خريطة طريق يمكن رسمُها من خلال دراسة مآلات الربيع العربي وإزالة الاحتقان في الساحة السياسية.
ما حصل عليه مرسي وحزب الحرية والعدالة من نسبة مئوية من أصوات الناخبين هي التي تعبِّر عن واقع المشهد السياسي في مصر على العكس من المؤتمر الوطني الذي يجب أن يكفَّ عن الاستئثار بالثروة التي تتيح له وحده أن يسيطر على الساحة وذلك يقتضي أمرين مهمَّين هما إطلاق الحريات للعمل السياسي السلمي دون تضييق بحيث يُتاح للأحزاب ما يُتاح للوطني في كل السودان ثم كذلك مساعدة الأحزاب لكي تنهض ذلك أن العمل السياسي يحتاج إلى موارد مالية هائلة وحرية للعمل السياسي السلمي.
باختصار شديد على الرئيس أن يهيئ المناخ السياسي للتداول السلمي للسلطة وذلك يقتضي أن يخرج من عباءة المؤتمر الوطني ويصبح أباً للجميع ويهيئ المسرح السياسي لانتخابات حرة ويعدُّه كما لو كان السودان قد شهد ربيعاً عربياً السلطة فيه للشعب وليس للمؤتمر الوطني أو لمراكز القوى الأخرى.ض
