الشاطيء المجهول (قصة قصيرة)

تقف على شاطئ المجهول المليء بالتماسيح والزواحف الخطرة، والحشرات القذرة، الخوف يحيطها من كل جانب.


نظرت في أمرها بتمعن فوقعت في حيرة قاتلة، وضعت أمامها جملة من الأفكار التي أودت بها إلى نفق ضيق مسدود لا تكاد ترى بصيص النور فيه، إنها تقع الآن في عنق الزجاجة، فهي بين خيارين أحلاهما مر. طرحت على نفسها قائمة من التساؤلات التي لم تجد لها حلولا .. همست لنفسها، إن واصلتُ سيري سأهلك لا محالة، فالأمواج العاتية لا ترحم، كما لا يمكنني البقاء فالخطر يحدق بي في كل الاتجاهات، بعدت عني الأرض الصلبة، غصت في الوحل حتى إذنيّ، لن أتراجع ستنهشني تلك الوحوش دون رحمة. ترى هل سأقاوم؟ إلى متى؟ سيأتي المد ويرتفع مستوى الماء، فحتما سأكل وأمل وأتهاوى على أرض ذلك الشاطئ المقيت. كيف وصلتُ إلى هنا؟ من الذي استدرجني إلى هذا الشاطئ القذر؟ هل كانت محض الصدفة أم أنني كنت مكرهة على ذلك؟ هل كنت ضحية لمؤامرة؟ أم أن كل هذا كان باختيار مني؟


رفعت أكفّ الضراعة إلى السماء، تمتمت بدعوات تحملها نيتها الخالصة لله وحده، بأن ينقذها مما هي فيه فلا منجد لها غيره، الأب استهلكه عمله فهو لا يعرف بيته إلا للنوم، والأخ الوحيد طرد من البيت بسبب غلطة تافهة لم يحتملها ذلك الأب الشرس، الأم صدمت بما آل إليه البيت بين تسيب الابن وإهمال الأب. تفككت الأسرة، لم يعد هناك رابط بين ما تبقى من أفرادها إلا وجبة العشاء أحيانا، لا يوجد بينهم من يهتم بأمر الآخر، كل واحد منهم شغل بنفسه فقط. فهم مثال ليوم القيامة شعار كل واحد منهم نفسي نفسي.


تراءى لها من بعيد شبحا يعلو ليظهر لها على شكل سفينة صغيرة أو قارب كبير، ثم ينزل ليختفي بين تشكلات الموج، عقدت به الأمل لكن طال اختفاؤه حتى أنها يئست منه فظنت أنه سراب البحر.


لم يطل بها الانتظار كثيرا حتى بدا ظاهرا للعيان قارب كبير يتلألأ على زجاجه ضوء الشمس كخيوط ذهبية تتأرجح مع كل موجة لتخطف بصر الناظر إليه، أرسلت له إشارة خجولة لا تكاد ترى للقريب منها لكنها تبلغ ذلك القارب فيغيّر اتجاهه نحوها.