الفكر والسلوك

قد يبدو للوهلة الأولى أن العنوان أعلاه واقع في فخ التكرار اللفظي و المعنوي على حد سواء. بيد أن الأمر منزه تماما عن تلك التهمة، إذ نتناول في مقالتنا هاته معنيين أو قيمتين لم نعد نجدهما للأسف الشديد متلازمين رغم ضرورة هذا التلازم و حيويته. الثقافة و السلوك الثقافي.
يصرح المفكر الجزائري مالك بن نبي بكون الثقافة مجموعة القيم التي تميز أمة عن أخرى . هذا إن شئنا القول على المستوى الماكروتحليلي أما بخصوص المستوى الميكروتحليلي ، فيمكن أن نقول بأن ثقافة الفرد هي مجموعة المكتسبات الإيجابية و السلبية التي يتلاقاها الفرد داخل محيطه أو خارجه على امتداد خطه الزمني ، هي مجموعة القيم و الأفكار و المعتقدات التي يراكمها الفرد ، هي مجموعة الإيحاءات التي تؤثر على الفرد سواء بالسلب أو بالإيجاب. هذه هي الثقافة ، أما السلوك الثقافي فأمر ثان . السلوك الثقافي هو ردة الفعل المترتبة عن العنف المعلوماتي الذي يمارس على الفرد باستمرار.
أكيد أنه لا يمكننا وصف أي فرد بالكائن الثقافي أو بالمثقف إلا إذا زاوج بين الثقافة كمعرفة و بين السلوك الثقافي الإيجابي كإنزال لمجموعة النظريات الثقافية السالفة الذكر.
امتلاك المعرفة المجردة لا يخول الإرتقاء إلى درجة المثقف ، كما أن سلوكا ثقافيا مجردا عن المعرفة ليس بإمكانه أن يحقق لصاحبه معنى المثقف.
فالتلازم حيوي هنا ، و الثقافة امتزاج كامل لمفهومي المعرفة و السلوك.